القانون والمجتمع في ليبيا

القانون والمجتمع في ليبيا

أحمد الشريف السنوسيُّ*

النشأة والتكوين: وُلد السيِّد: أحمدُ بْنُ محمَّدٍ الشريفِ بْنِ محمَّد بْنِ عليٍّ السنوسيِّ الخطَّابيِّ الحسنيِّ الإدريسيِّ، في بلدة الجغبوب، يوم الأربعاء 27 شوَّال 1290هـ/18 ديسمبر1873م، من أمٍّ شريفة النسب، وهي السيِّدة خديجة بنتُ عمران بن بركة الفيتوريِّ، الشهيرة بخديجة العمرانيَّة. نشأ في كنف عمِّه السيِّد محمَّد المهديِّ، فحفظ عليه القرآن الكريم، وعلى الشيخ: المدنِيِّ بن مصطفى التلمسانِيِّ، وتلقَّى العلم عن أبيه وعمِّه، وعن العلَّامة أحمد بن عبد القادر الريفيِّ، وجدِّه لأمِّه السيِّد عمران بن بركة الفيتوريِّ.

قال أحمد الشريف مبيِّنًا ما تلقَّاه عن عمِّه: «أخذت عنه القرآن الكريم، وقال لي بلسانه: أنت ما أخذت القرآن إلَّا عنِّي، وسمعت منه أوَّل البخاريِّ، وقرأت عليه (بلوغ المرام في أدلَّة الأحكام) من أوَّله إلى آخره، وقرأت عليه (الدردير الكبير على مختصر خليل)، و(ابن تركي بحاشية الصفتيِّ)، و(ابن عقيل على الألفيَّة)، و(الآجرُّوميَّة)، و(الجوهر المكنون)، وسمعت منه (البردة)، و(بانت سعاد)، وأجازني في قراءتها وإجازتها»([1]).

قيامه بعبء الطريقة، وقيادة حركة الجهاد:

بعد وفاة عمِّه ولِّي السيِّد أحمد الشريف مشيخة الطريقة السنوسيَّة، باعتباره كبير العائلة السنوسيَّة، وذلك يوم 19 يونيو 1902م، وعمره آنذاك 29 سنة، وكان عمُّه قد أعدَّه لذلك؛ فقد لازمه مدَّة تزيد عن العشرين سنة تشبَّع خلالها بمبادئه وتخلَّق بأخلاقه، وأجازه بكلِّ ما يصحُّ له وعنه حسب القانون المتَّبع عند المشايخ([2]).

استمرَّ السيِّد أحمد في مقاومة الغزو الفرنسيِّ المعتدي على الزوايا السنوسيَّة في تشاد مدَّة ثماني سنوات نجح الفرنسيُّون خلالها في السيطرة على السودان، لا سيَّما بعد وصول إيطاليا إلى ليبيا وقصفها المدن الساحليَّة عام 1239هـ/1911م([3]).

وبعد اعتداء الإيطاليِّين على ليبيا، عقد السيِّد أحمد الشريف اجتماعًا في الكُفرة ضمَّ إخوته وأبناء عمِّه وبعض مشايخ الزوايا، ومن بينهم شيخ زاوية (القصور) عُمر المختار، وانتهى الاجتماع بإعلان المقاومة ضدَّ الاحتلال الإيطاليِّ لليبيا، وبادر بمكاتبة القبائل ومشايخ الزوايا، فتشكَّلت الأدوار العسكريَّة بقيادة مشايخ الزوايا، ودارت رحى الحرب، وثارت القبائل ضدَّ الاحتلال، وانتقل السيِّد من الكُفرة إلى الجغبوب([4]).

وسمحت الدولة العثمانيَّة لمجموعة من الضبَّاط بالجهاد في ليبيا وكان من أبرزهم: أنور باشا، الذي أصبح قائدًا عامًّا ومركزه جبهة درنة، ويساعده مصطفى كمال، وغيرهما من الضبَّاط في بنغازي وطبرق. وأصبحت الجبهة الشرقيَّة لليبيا تشنُّ هجمات على الإيطاليِّين كُلِّل معظمها بالانتصار([5])، إلى أن وصلت أنباء توقيع مصالحة أوشي لوزان بسويسرا في 17 أكتوبر 1912م، التي أُعلن بموجبها استقلال ليبيا عن الدولة العثمانيَّة.

كان أحمد الشريف رافضًا للمعاهدة مع الإيطاليِّين، فاجتمع بقائده العامِّ أنور باشا في الجغبوب، وأسَّس الحكومة السنوسيِّة([6])، يقول أنور باشا في مذكِّراته: «إنَّني في هذه اللَّحظات في غاية السعادة؛ لأنَّ سيِّدي أحمد الشريف شيخ السنوسيَّة الكبير، ظلَّ وفيًّا لإيمانه الراسخ حتَّى آخر لحظة، فقد رفض بكلِّ فخر واعتزاز هدايا ملك إيطاليا، كما رفض الاقتراح الإيطاليَّ الداعي إلى إنشاء زاوية له في بنغازي»([7]).

خفَّ أحمد الشريف للوقوف بنفسه على جبهات القتال، وخاض أوَّل معركة له ضدَّ الطليان عُرفت باسم (سيدي القرباع) أو (يوم الجمعة) هُزم فيها الإيطاليُّون، وأتبع هذا الانتصار بجولة تفتيشيَّة للمعسكرات والزوايا، نظَّم فيها أمور الجهاد، وعيَّن الضبَّاط، وخاض خلالها عدَّة معارك مع الطليان([8]) رافضًا وساطة خديوي مصر ومحاولة إيقاف حركة الجهاد، وأصرَّ على محاربة إيطاليا، التي أرهقتها المعارك مع المجاهدين الليبيِّين؛ وأجبرتها على اتِّباع سياسة اللين والمهادنة بعد عزمها على الدخول في الحرب العالميَّة أوَّل عام 1333هـ/1914م، فأخلت النقاط الحربيَّة التي استولت عليها داخل برقة، وانكمشت إلى السواحل([9]).

إنشاء حكومة امساعد:

في عام 1914 تمركز السيِّد أحمد بمنطقة امساعد، وأنشأ حكومته التي ضمَّت ضبَّاطًا ومدنيِّين ليبيِّين وغير ليبيِّين، وكان لتلك الحكومة نظام واتِّصالات مع الداخل والخارج، وجيش مكوَّن من مدفعيَّة ورشَّاشات ومشاة وخيَّالة، وإحصائيَّات وبيانات، ولها نقطة جمارك تتسلَّم عبرها الوارد من المساعدات الإنسانيَّة والذخائر الحربيَّة، وتجلَّى نجاح هذه الحكومة خلال العديد من المعارك، من أهمِّها معركة (القرضابيَّة) جنوب سرت؛ التي استطاع فيها السيِّد أحمد الشريف بقوَّاته الوطنيَّة، بقيادة أخيه السيِّد صفيِّ الدين، هزيمة الحملة الإيطاليَّة([10]).

إقحامه في حرب الإنجليز، ومغادرته برقة:

إنَّ انتصارات حكومة امساعد جعلت تركيا تضغط على السيِّد أحمد الشريف لحمله على مهاجمة حدود مصر الغربيَّة وإشغال الإنجليز عن الحدود الشرقيَّة، فوصل ضبَّاط (تشكيلاتي مخصوصة)([11]) يحملون للسيِّد أحمد الشريف كتابًا من وزير الحربيَّة أنور باشا: «يعلمه بإعلان الجهاد، وتعيين السلطان له نائبًا عن الخليفة ورئيسًا للمجاهدين في قارة إفريقيا الشماليَّة»([12]).

ردَّ السيِّد أحمد الشريف بكتاب لأنور باشا يقول فيه: «حرب يأتيك، وحرب تأتيه، فالحرب الذي يأتيك يجب عليك مدافعته بأيِّ حالة كانت، والحرب الذي تأتيه، يجب عليك الاستعداد له»([13])، غير أنَّ ضبَّاط (تشكيلاتي مخصوصة) لجؤوا إلى الدسائس وزوَّروا أمرًا بالهجوم على المراكز البريطانيَّة في السلُّوم، وهنا وجد السيِّد أحمد نفسه أمام واقع لا مفرَّ منه، لاسيما بعد مقابلة القوات الانجليزيَّة الهجوم بمثله([14]).

سلَّم السيِّد أحمد الأمانة لابن عمِّه الأمير محمَّد إدريس السنوسيِّ، ليتولَّى رئاسة الطريقة السنوسيَّة، وقيادة حكومة برقة ([15])، وتجهَّز بجيشه إلى الجبهة المصريَّة، وكانت أوَّل معركة في نوفمبر 1915م، حصل بها على منطقة سيدي برَّاني، ومرسى مطروح، وأبهر هذا الانتصار الضبَّاط المصريِّين في الجيش الإنجليزيِّ، ومن أبرزهم محمَّد صالح حرب الذي انضمَّ بفرقته العسكريَّة تحت قيادة أحمد الشريف.

واستمرَّت المعارك من نوفمبر1915م، حتَّى مارس 1916م، وانتهت بهزيمة الضبَّاط الأتراك، وانسحاب السيِّد أحمد الشريف إلى الجغبوب، ثمَّ نزوحه إلى العقيلة، والتحاق جيشه بالأمير محمَّد إدريس في برقة، ومغادرة ليبيا آخر ذي القعدة (1336هـ/1918م) بواسطة غوَّاصة ألمانيَّة، بدعوة من السلطان العثمانِيِّ([16]).

أحمد الشريف في تركيا:

وصل السيِّد إلى اسطنبول في محرَّم 1337هـ/ أكتوبر 1918م([17])، واستقبله العلماء والوزراء، ومن أبرزهم وزير الحربيَّة أنور باشا، ومنحه الخليفة محمَّد وحيد الدين رتبة الوزارة السامية، ووسامًا مجيديًّا من الرتبة الخامسة.

ثمَّ انتقل إلى بورصة، وتوافد عليه الناس يطلبون الإجازة والإذن في الطريقة السنوسيَّة ([18])، وهناك زاره من أبناء وطنه عديد الشخصيَّات، من أبرزهم بشير بك السعداوي، وحمَّله بالرسائل والتوصيات إلى القبائل والبلدان الليبيَّة؛ يشحذ هممهم ويدعوهم إلى توحيد القطرين الطرابلسيِّ والبرقاويِّ ([19]).

وفي 04 شعبان 1338هـ/23 أبريل1920م «عقد الوطنيُّون الأتراك مؤتمر أنقرة (المجلس الوطنيُّ الكبير) واختاروا مصطفى كمال (أتاتورك) رئيسًا له، ومنحوه قيادة حركة الدفاع عن تركيا، وإنقاذها من مخطط دول الحلفاء لتقسيمها، واقترحوا تسمية أحمد الشريف ملكًا على العراق، ولكنَّ الإنجليز حالوا دون ذلك»([20]).

انضمَّ السيِّد أحمد الشريف إلى الحركة الوطنيَّة بقيادة مصطفى كمال([21]) ورجَّح كفَّة الجهاد ([22]) الذي انتهى بانتصار مصطفى كمال وإخراج اليونانيِّين من تركيا، وفي احتفال الحركة الوطنيَّة بالانتصار، قال مصطفى، بحضور أحمد الشريف: «نحن الآن في حضرة فخر المسلمين، وحفيد سيِّد المرسلين: المجاهد السيِّد أحمد الشريف السنوسيِّ، معلِّمنا الأوَّل ومؤسِّس أوَّل مدرسة في برقة، كنَّا قد وفدنا إليها وتلقَّينا دروس الجهاد والمقاومة والدفاع عن النفس والدين والوطن بها، وهو الذي آزرنا في محنتنا، حتَّى نلنا شرفنا وعزَّتنا»([23]).

ثمَّ انتقل السيِّد أحمد الشريف إلى مرفأ (مرسين)، وهناك وفد عليه شكيب أرسلان الذي قال في وصفه: «عندما جئت إلى مرسين ذهبت لزيارته، وقد رأيت في هذا السيِّد بالعيان، ماكنت أتخيَّله عنه بالسماع؛ رأيت فيه حبرًا جليلًا، وسيِّدًا غطريفًا، من أنبل من وقع نظري عليهم مدَّة حياتي، جلالة قدر، وسراوة حال، ورجاحة عقل، وسجاحة خلق، وكرم مهزَّة، وسرعة فهم، وسداد رأي، وقوَّة حافظة، وهو سريع الخاطر، سيَّال القلم، لا يملُّ الكتابة»([24]).

وفي تلك المدَّة أرسل غيث أفندي اقدوره العريفيِّ بفرس عربيَّة للأمير محمَّد إدريس، وأرفقه بالكتب والمنشورات إلى عمر المختار والمجاهدين بالجبل الأخضر وبرقة، يحثُّهم فيها على الجهاد والاستماتة في الدفاع عن الدِّين والوطن، ويبشِّرهم فيها بقرب الفرج والنصر([25]).

خروجه إلى بلاد الشام، ومنها إلى الحجاز:

خرج أحمد الشريف من تركيا -بعد إلغاء الخلافة، وتبنِّي مصطفى كمال العلمانيَّة- إلى سوريَّة، أواخر ربيع الأوَّل 1343هـ/1924م، واستقبله في دمشق الأمير سعيد الجزائريُّ والعلماء والأعيان، ثمَّ زار بيروت، وعندما زار فلسطين استقبله الحاجُّ أمين الحسينيُّ رفقة أعيانها، وزار المسجد الأقصى، ثمَّ رجع إلى دمشق بعد مضايقة الإنجليز له([26]).

وبعد مدَّة يسيرة طلبت منه الحكومة الفرنسيَّة الخروج من دمشق، وحاولت الحكومة الإيطاليَّة انتهاز هذا الأمر فعرضت عليه المصالحة وتهدئة الجهاد في برقة، فكان جوابه: «أمَّا وأنا خارج حدود الوطن، فلن أساوم أو أصالح على شبر منه»([27]).

قابل أحمد الشريف مندوب عبد العزيز آل سعود في دمشق، مبديًا رغبته في السفر إلى الحجاز؛ فسافر إلى الحجاز في جمادى الأولى 1343هـ/1924م، وفي الخامس من شعبان وصل إلى مكَّة، وبعد أداء العمرة انتقل إلى المكان المعدِّ لنزوله، وفي يوم (12 شعبان 1343هـ/7 مارس1925م) قابل عبد العزيز ورؤساء العشائر والعلماء، ثمَّ زار زاوية الطائف السنوسيَّة، ونزل لأداء الحجِّ([28]).

ثمَّ توجَّه إلى صَبيا عاصمة الإمارة الإدريسيَّة باليمن، أواخر ربيع الثاني 1344هـ/ نوفمبر 1925م، وكان صاحب الحكمة في استقرارها، حيث قام بتوحيد الكلمة بين الحسن الإدريسيِّ وبين عبد العزيز آل سعود بمعاهدة كان أحمد الشريف كاتب حروفها([29])، كما نجح في فضِّ النزاع بين الحسن الإدريسيِّ، ويحيى إمام اليمن([30]).

استقرَّ بعد ذلك في المدينة المنوَّرة، وكان طيلة إقامته تلك بالحجاز مشغولًا بقضيَّة الوطن؛ يتابع المجاهدين، ويدعمهم معنويًّا ومادِّيًا بحسب ما يتاح له، ويحثُّ القبائل على الالتفاف حول قادة الجهاد، والصمود في وجه العدوِّ، ويبشِّرهم بقرب ساعة النصر ، وحتَّى بعد استشهاد عمر المختار ظلَّ يراسل من بقي من المجاهدين في برقة، وعيَّن عليهم يوسف بورحيل لقيادة المقاومة التي لم تدم طويلًا بسبب استشهاده([31]).

وفاته، وعقِبه:

في آخر أيَّامه قاسى السيِّد آلام المرض وأوجاعه إلى أن وافته المنيَّة في (13 ذي القعدة 1351هـ/ 10 مارس 1933م) بعد جهاد وصبر واحتساب، وخدمة للدِّين وقضايا المسلمين.

وصلِّي عليه العصر في جماعة أمير المدينة، وكاد الناس في الجنازة يُهلك بعضهم بعضًا من شدَّة الزحام، ودُفن (بالبقيع) في المكان المسمَّى: بالدَّكة([32])، وكان لوفاته صدىً بعيد في ليبيا خاصَّة، والأقطار العربيَّة والإسلاميَّة عامَّة، وصلِّيت على الزعيم الإسلاميِّ الكبير صلاة الغائب في جميع المساجد الجامعة في القطر المصريِّ، بعد صلاة الجمعة الأولى، وأقيمت المآتم في ليبيا ومصر وسوريَّة، ورثي بعدَّة مرَّات بالعاميَّة والفصحى.

ومن الكلمات الصادقة التي قيلت فيه، كلمة محبِّ الدين الخطيب في مجلَّة الفتح: «والسيِّد أحمد الشريف لم يمت إلاَّ بعد أن قام بأقصى ما يقوم به رجل من الواجب لسلسلة التاريخ التي هو حلقة فيها»([33])، وقول محمَّد أسد: «أحمد الشريف لم يدانه أحد في تضحياته التي ضحَّاها بجهده، وبكلِّ ما يملك لتحقيق هدف غير شخصيٍّ، وهو تحقيق استقلال وطنه، ولم يضارعه أحد في تأريق مضاجع المستعمرين في شمال إفريقيا»([34]).

وقد عقَّب -رحمه الله- من البنين سبعة: إبراهيم، ومحمَّد محيي الدين، ومحمَّد العربيّ، وعبد الله، والزبير، وبلقاسم، وأحمد بن إدريس، ومن البنات خمسة: فاطمة (الكبيرة)، وفاطمة (الجغبوبيَّة)، وفاطمة (الشفاء) وقد تزوَّجها الملك إدريس في مصر عام 1931م وصارت ملكة ليبيا، وقضت معه حياته حتَّى وفاته عام 1983م، والسيِّدة عائشة، والسيِّدة رقيَّة ([35]).

تلاميذه، ومؤلَّفاته:

على الرغم من أنَّ حياة السيِّد أحمد كانت حافلة بأحداث جسام، وأعباء عظام، فإنَّ نشاطه العلميَّ لم يتوقَّف؛ فقد أجاز كثيرًا من العلماء وطلبة العلم داخل الوطن وخارجه، في أوقات السلم والحرب، وفي حال الإقامة والسفر، ومنهم: أبناؤه وبناته، وأخوه صفيُّ الدين السنوسيُّ، وابن أخيه (أحمد بن إدريس) بن محمَّد عابد، وابن عمِّه محمَّد إدريس بن محمَّد المهديِّ، ملك ليبيا، واحميده العَلَمي الغماري، شيخ الزاوية البيضاء، والحسين السوسيِّ، شيخ زاوية الجغبوب، والفقيه: أبو القاسم التواتِيُّ، وعبد المالك بن عليٍّ الدرناويُّ ثمَّ المكِّيُّ، كاتبه الخاصُّ، ومحمَّد بن عبد الله الموهوب الزويُّ، مرافقه وخليفته بزاوية المدينة، والقاضي: محمَّد عزالدين الباجقنيُّ الطرابلسيُّ.

وفي مهجره بتركيا، وخلال مروره ببلاد الشام، وطيلة مدَّة إقامته بالحجاز، اتَّصل به كثير من العلماء وطلبة العلم، من المغرب والمشرق؛ طالبين منه الإجازة، ومنهم: السادة العلماء: محمَّد الزمزميُّ الكتَّانِيُّ، ومحمَّد عبد الحيِّ الكتَّانِيُّ، وعبد الحفيظ الفاسيُّ الفهريُّ، ومحمَّد العربيُّ العزُّوزيُّ، المغربيُّ ثمَّ البيروتِيُّ، مفتي بيروت، وعلويُّ بن عبَّاس المالكيُّ المكِّيُّ، وصالح الجعفريُّ الصادقيُّ الحسينيُّ([36]).

وترك -رحمه الله- مصنَّفات مهمَّة خاصَّة تلك التي تعنى بالتأريخ للطريقة السنوسيَّة، المطبوع منها ستٌّ، وهي:

  • بغية المساعد في أحكام المجاهد.
  • الأنوار القدسيَّة في مقدِّمة الطريقة السنوسيَّة.
  • الدرَّة الفرديَّة في بيان مبنى الطريقة السنوسيَّة المحمَّديَّة.
  • الفيوضات الربَّانيَّة، في إجازة الطريقة السنوسيَّة الأحمديَّة الإدريسيَّة.
  • الدرُّ الفريد الوهَّاج بالرحلة المنيرة من الجغبوب إلى التاج.
  • الكوكب الزاهر في سماء مجلى الظلام العاكر.

والذي ما يزال مخطوطًا خمس مؤلَّفات:

  • فيوضات المواهب المكيَّة، بالنفحات الربَّانيَّة المصطفويَّة.
  • الشموس النورانيَّة العرفانيَّة الإشراقيَّة، في بيان أعلام الطريقة السنوسيَّة الإدريسيَّة المحمدية.
  • تجريد الأسانيد.
  • الثبَت الكبير (ما زال مفقودًا).
  • الدرَّة الفريدة، في جواهر كلام سادتي المفيدة ([37]).


([1]) إجازة السيِّد أحمد الشريف للشيخ الحسين السوسيِّ شيخ زاوية الجغبوب. يُنظر: أحمد الشريف السنوسيُّ، مختارات من وثائق جهاده العسكريِّ ودوره الفكريِّ، سالم الكبتي، مركز الدراسات الليبيَّة، أكسفورد، بريطانيا، ط:1، 2016م: 2/214.

([2]) يُنظر: برقة العربيَّة أمس واليوم، محمَّد الطيِّب الأشهب، مطبعة الهوَّاري، القاهرة، 1936م: ص251، والفوائد الجليَّة في تاريخ العائلة السنوسيَّة، عبد المالك بن عبد القادر بن عليٍّ، مطبعة دار الجزائر، دمشق، 1966م: 2/20، وأحمد الشريف، الكبتي: 1/16.

([3]) يُنظر: برقة العربيَّة، الأشهب: 243، وأحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/17.

([4]) يُنظر: برقة العربيَّة: 255، والفوائد الجليَّة، بن علي: 2/23-24، وأحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/19.

([5]) يُنظر: برقة العربيَّة، الأشهب: 265، والفوائد الجليَّة، بن علي: 25، ومذكِّرات أنور باشا في طرابلس الغرب، تقديم وترجمة د. عبد المولى الحرير، منشورات مركز بحوث ودراسات الجهاد الليبيِّ، طرابلس، ليبيا، 1979م: ص 20.

([6]) يُنظر: برقة العربيَّة، الأشهب: 269- 270، والفوائد الجليَّة، بن علي: 1/28، ومذكِّرات أنور باشا: 25- 27.

([7]) مذكِّرات أنور باشا: 107.

([8]) يُنظر: برقة العربيَّة، الأشهب: 270، والسنوسيَّة دين ودولة، د. محمَّد فؤاد شكري، دار الفكر العربيِّ، 1948م: ص 155-156، والفوائد الجليَّة، بن علي: 2/27- 30.

([9]) يُنظر: السنوسيَّة دين ودولة، شكري: 154، والفوائد الجليَّة، بن علي: 2/33، 36.

([10]) يُنظر: أحمد الشريف، الكبتي: 1/21 - 26.

([11]) يُنظر: مذكِّرات أنور باشا: 13-15.

([12]) السنوسيَّة دين ودولة، شكري: 163.

([13]) برقة العربيَّة، الأشهب: 314.

([14]) يُنظر: برقة العربيَّة، الأشهب: 314 - 315، والسنوسيَّة دين ودولة، شكري: 162- 170، والفوائد الجليَّة، بن علي: 2/40- 42، ومذكِّرات أنور باشا: 31-33، وأحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/26-30.

([15]) يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/43.

([16]) كانت الدعوة بعد تولِّي محمَّد وحيد الدين الخلافة بعد موت السلطان محمَّد رشاد، واختيار أحمد الشريف للقيام بتقليده السيف والنيشان في جامع أبي أيُّوب الأنصاريِّ، غير أنَّ الدعوة لم تكن لذلك فقط، فقد كانت الحالة في تركيا تنذر بالخطر العظيم إثر ثورة أمير مكَّة الشريف الحسين التي قادها في الحجاز وسوريَّة عام 1916م، فأرادت الحكومة العثمانيَّة أن تقنع أحمد الشريف بالدخول في مفاوضات مع شريف مكَّة باسمهم، نظرًا لسمعته ومكانته الروحيَّة في العالم الإسلاميِّ. يُنظر: برقة العربيَّة، الأشهب: 317، والسنوسيَّة دين ودولة، شكري: 180- 183، والفوائد الجليَّة، بن علي: 2/45-49، وأحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/36 - 39.

([17]) ينظر: الفوائد الجليَّة: 2/51، 52، وأحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/40، 41.

([18]) يُنظر: حاضر العالم الإسلاميِّ، لوثروب ستودارد، نقله إلى العربيَّة: عجاج نويهض، علَّق عليه: الأمير شكيب أرسلان، دار الفكر: 2/154، 155، والفوائد الجليَّة، بن علي: 2/52، 53، وليبيُّون في الجزيرة العربيَّة، د. محمَّد سعيد القشَّاط، الدار العربيَّة للموسوعات، ط:2، 2008م: ص 142.

([19]) يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/57.

([20]) يُنظر: أحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/43.

([21]) جدير بالذِّكر أنَّ مصطفى كمال ابتدأ ثورته باسم الدين، وحرق الخمَّارات ودور الفساد، وأمر بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وجعل الجمعة يوم عبادة تغلق فيه المقاهي والمتاجر والمتنزَّهات من الضحى حتَّى وقت الصلاة؛ فانضمَّ إليه الناس وساندوه في الحرب ضدَّ اليونان، عقب احتلال الحلفاء لإسطنبول وبروز فكرتهم لتقسيم تركيا. يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/56، وليبيُّون في الجزيرة العربيَّة، القشَّاط: 142.

([22]) يُنظر: حاضر العالم الإسلاميِّ، لوثروب ستودارد: 2/156، وبرقة العربيَّة، الأشهب: 320، 321.

([23]) الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/ 61 - 69.

([24]) حاضر العالم الإسلاميِّ، لوثروب ستودارد: 2/159-161.

([25]) يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/69.

([26]) يُنظر: خلاصة رحلة المرحوم السيِّد أحمد الشريف السنوسيِّ، شكيب أرسلان، الدار التقدُّميَّة، بيروت، ط:1، 2010م: ص 21-23، وليبيُّون في الجزيرة العربيَّة، القشَّاط: 145.

([27]) الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/ 79، 80.

([28]) يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/68- 100، وليبيُّون في الجزيرة العربيَّة، القشَّاط: 148.

([29]) للاطِّلاع على وثيقة المعاهدة. يُنظر: أحمد الشريف، الكبتيُّ: 1/170، 171.

([30]) يُنظر: خلاصة رحلة المرحوم السيِّد أحمد الشريف، أرسلان: ص 41- 43.

([31]) يُنظر: الطريق إلى مكَّة، محمَّد أسد، ترجمة: د. رفعت السيِّد علي، مكتبة الملك عبد العزيز العامَّة، الرياض، 1425هـ: ص440- 451.

([32]) يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/136، وبرقة العربيَّة، الأشهب: 322.

([33]) الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/81، وأعلام من ليبيا في القديم والحديث، د. محمَّد مسعود جبران، طبعة خاصَّة: 3/327.

([34]) يُنظر: الطريق إلى مكَّة، أسد: 123، 124.

([35]) يُنظر: الفوائد الجليَّة، بن علي: 2/139-140.

([36]) يُنظر: الدرُّ الفريد الوهَّاج: أحمد الشريف: 126-128.

([37]) يُنظر: بيان وتعريف بمؤلفات السيِّد أحمد الشريف، د. أحمد محمَّد جاد الله، بحث منشور ضمن أعمال الندوة العلميَّة الثالثة المنعقدة بطرابلس، بعنوان: (السيِّد أحمد الشريف السنوسي، نشأته وآثاره وجهاد)، منشورات مؤسَّسة الشيخ الطاهر الزاويِّ الخيريَّة، ط:1، الزاوية الغربيَّة، ليبيا، 2016م: ص259 وما بعدها.

أحمد الشريف السنوسيُّ*
أحمد الشريف السنوسيُّ*
أحمد الشريف السنوسيُّ*
أحمد الشريف السنوسيُّ*
أحمد الشريف السنوسيُّ*

* قُدِّم هذا المقال في إطار مشروع "عهود، وشخصيات ووقائع لافتة في التاريخ الليبي"، ونحن نرحب بأي ملاحظات تتعلق بتضمين الشخصية التي يركز عليها ضمن الكتاب المزمع إصداره بالخصوص، وبأسلوب كتابته ومحتواه.