القانون والمجتمع في ليبيا

القانون والمجتمع في ليبيا

اللغة العربية وكلية القانون*

عندما تخرجنا من كلية القانون كان علينا الالتحاق بمعهد القضاء بعد التخرج مباشرة وهي مرحلة دراسية إضافية بعد الجامعة يلزم المرور بها إذا أراد خريج القانون العمل بالهيئات القضائية سواء النيابة العامة أو القضاء أو المحاماة العامة. في معهد القضاء كان لدينا مادة مقررة بالمنهج تسمى "الصياغة القانونية" يشرف عليها المستشار الراحل يوسف مولود إحنيش، ولمن يعرف هذا المستشار فبالتأكيد يعرف إبداعه في اللغة العربية وتمكنه من مفرداتها وقواعدها بالاضافة لاهتمامه بألأدب والشعر. وكانت هذه المادة مختلفة تماما عن غيرها و التركيز فيها منصب على تعلم كتابة الوصف والقيد في القضايا الجنائية مع المرور على كيفية كتابة الاحكام القضائية مع الحفاظ على قواعد اللغة نحوا وصرفا وشكل لنا ذلك إضافة مهمة في زادنا العلمي والمهني واللغوي. لذلك أحببنا المادة وتفاصيلها وكانت علامة فارقة في المنهج والتحصيل العلمي وتمهيد الارضية للولوج الى بوابة العمل القضائي خاصة مع خبرة وتمكن أستاذها في اللغة والقانون.

رجعت بي الذاكرة سنوات للخلف عندما سمعت عن أضافة مادة الصياغة القانونية إلى المنهج الدراسي لكلية القانون وإستبشرت خيرا، لاني أعي جيدا أهميتها وما تشكله من إضافة هامة لذهنية وعقلية الطلبة والطالبات وتفتح أمامهم المجال لتطوير لغتهم القانونية، خاصة اذا تم اعداد مفردات هذه المادة بشكل متوازن يجمع بين الجانب المهني والجانب اللغوي.

أما عن الضجة التي أثيرت حول إلغاء مادة اللغة العربية من المنهج فأعتقد أنها في غير محلها، ذلك أنه يفترض في الطالب الذي يلتحق بالمرحلة الجامعية فهمه وإجادته لأساسيات اللغة العربية التي درسها طيلة مراحل التعليم المختلفة السابقة، كما أنه ليس من مهام الكلية تعليمه أساسيات اللغة العربية وقواعدها والتي يفترض في الطالب ان يجيدها ويعرف قواعدها.

ومن الممكن أن يكون هناك إمتحانات قبول للطلبة يكون من ضمنها قياس مستوى اللغة العربية للطلاب أما أن تكون اللغة العربية مادة مقررة في المنهج الدراسي الجامعي فلا أتصور أنها ستفيد الدارسين والدارسات بالكلية بشئ كثير.

وأذكر في جيلنا مثلا لم تكن اللغة العربية من ضمن مقررات المنهج الدراسي ولم يكن لدينا من المواد العامة سوى مادتين وهما علم الاقتصاد وعلم الادارة وأعتقد تم الغائهما لاحقا.

إن تطوير المناهج الدراسية كل فترة زمنية مسألة مهمة جدا لجودة العملية التعليمية وتشكل إضافة جديدة للمنهج الدراسي وكسر جموده، خاصة وان العالم من حولنا يتطور والمناهج والمقررات الدراسية تتغير كل فترة ويضاف اليها ويعدل منها، وهذا يمكن الخريجين والخريجات من موائمة سوق العمل ويتمكنوا من الاندماج في مهنتهم بشكل أسرع وأفضل.

لذلك على المستوى الشخصي أسعدني الخبر الخاص باضافة مادة الصياغة القانونية للمنهج، وأستغل هذه الفرصة لأحيي زملائنا وزميلاتنا من أعضاء المجلس العلمي في كلية القانون على هذه الفكرة الرائدة، وأشد على أياديهم وأتمنى لهم التوفيق في مسعاهم لتطوير المناهج الدراسية بالكلية وجعلها تواكب على ألاقل دول الجوار على أمل أن تتمكن من التفوق عليها يوما ما.

* نشر موقع ليبيا المستقبل هذا المقال بتاريخ 2023/01/04.