تيسّر العدالة في ليبيا من منظور السعاة إليها: تيسّر العدالة لزوجات المفقودين، بني وليد
شهدت مدينة بني وليد عددا من حوادث العنف بين عامي 2011 و2012، قتل أو فُقد خلالها العديد من الأشخاص. وتبحث دراسة الحالة هذه في رحلات العدالة لثلاث نساء في بني وليد: نعيمة وفاطمة ووردة، فقدن أزواجهن في هذه الحوادث. وأظهرت هذه الحالات أن زوجة الشخص المفقود تكابد نوعا معينا من المعاناة يختلف عما تكابده من مات زوجها، فوضعها يفتقد الوضوح والاستقرار؛ هل هي زوجة أم أرملة؟ وبالإضافة إلى ما يسببه هذا من ألم، يترتب على حالة عدم اليقين القانوني هذه مشاكل يومية لا حصر لها.
وان الهدف الأكثر أهمية للنساء الثلاث هو معرفة الحقيقة عن أزواجهن، والهدف الثانوي الحصول على المزايا المادية والمعنوية المصاحبة لكون المرأة زوجة أو أرملة. وفي حين لم تتحدث نعيمة وفاطمة عن الميراث الذي يحق لهما أو لأطفالهما الحصول عليه، فإن وردة أرادت تأمين حقوق أطفالها في الميراث وراتب والدهم المفقود.
ولتحقيق مطالبهن، لجأن إلى جهات متعددة؛ فسجلن لدى رابطة للمفقودين ومنظمة المتضررين من القرار رقم 7 (انظر 3.5)، ولجأن أيضاً إلى النيابة العامة، وفي حين اكتفت نعيمة ووردة بإبلاغ نيابة بني وليد، تابعت فاطمة الأمر إلى أن وصل للنائب العام، ثم لجأت إلى المحاماة العامة لرفع دعوى أمام القضاء، فيما اكتفت وردة بمقابلة رئيس المحكمة بخصوص مرتب زوجها، وبيت زوجها، وأمسكت نعيمة عن رفع دعوى بعد أن تبيّن لها أن حصولها على صفة رب الأسرة خلفاً لزوجها يقتضي الحكم بموته بعد ظهور البيّنة على ذلك، أو التطليق للغيبة، وهما أمران لا تريدهما.
واختلاف رحلات العدالة التي قامت بها الزوجات عائد إلى عوامل منها وظيفة الزوجة وثقافتها، واسم الزوج وعائلة وقبيلة الزوجين، وظروف الاختفاء، وعدد أفراد الأسرة، والوضع الاقتصادي للأسرة. والاسم تحديداً قد ينظر إليه على أنه يكشف عن الانتماء السياسي. ويرجع الاختلاف أيضاً إلى قدر المخاطرة الذي كن على استعداد لتحمله. فوردة لم تترك بني وليد لمعرفة حقيقة زوجها، وركزت جهودها على وجهاء بني وليد، في حين تجاوزت فاطمة بني وليد إلى طرابلس وحتى مصراتة، حيث وقعت ضحية خداع مالي مارسه محامون، وتجاوزت نعيمة الجميع بوصولها حد البحث عن زوجها في سجون خارج بني وليد.
وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تعرف النساء مصير أزواجهن، على الرغم من لجوئهن إلى جميع هذه الجهات. ويعد السياق السياسي مفتاحاً لتفسير هذا. فقد اُتُهم الأزواج، وبني وليد بشكل عام، بدعم نظام القذافي ومعارضة ثورة 17 فبراير. وبمجرد انتهاء الثورة، لم ترغب السلطات المحلية في بني وليد في النظر إليها على أنها منحازة لصالح أشخاص مرتبطين بالنظام السابق. وإدراكا لهذا السياق السياسي الأوسع، اعتبرت إحدى النساء أن زوجها المفقود كان جزءا من قصة أكبر بكثير. وزعمت أن حل معاناتها الفردية يعتمد في نهاية المطاف على المصالحة بين ورفلة، وهي قبيلة أغلبية ساكني بني وليد، ومدينة مصراتة التي قامت قواتها بدور بارز في اجتياح بني وليد بعد قرار المؤتمر الوطني العام رقم 7.
صدر هذا الملخص في التقرير النهائي للمرحلة البحثية الأولى لمشروع تيسر العدالة في ليبيا.